القائمة الرئيسية

الصفحات

عيون البراءة للكاتبة سارة بلغول

 




عيون البراءة

أوشكت على قطع الطريق ، فتفاجأت بالإشارة الخضراء ، مرت السيارات فلمحت طفلةً في السابعةِ من عمرها تقريبا ،تحاول الإطلالة بعبرات خائفة من السقوط على وجنتيها الورديتين فرغم إنجذابي لعينيها القاتمةِ السواد ، إلا أنني لم أعر لها أيَّ إهتمام ، ظنا مني أن والدها نهرها من كثرة طالباتها ،أشرقت الإشارة الحمراء ، فعبرت وأكملت السير مشيا ، فأبت  نفسي الركوب في الحافلة التي كانت تنتظر الركاب في نفس وجهتي ، وبينما أنا أمشي على رصيف صغير، بصرت بذات الملامح الحزينة تطالعني وكأنها تترجاني أن ألتفت إلى حالتها ، ومن حسبته أباها منشغل في كيفية الإنفكاك من زحمة السير، طرق ناقوس الخطر على جدران قلبي ، اقتربت منها غير آبهة بعلامات الاستغراب البادية لسائقي المركبات من كل الأصناف،التي تكاد أن تشكل عربات لقطار سائقها على أهبة الاستعداد للإنطلاق ، وعندما دنوتُ منها أكثر ارتعدت فرائص مرافقها ، وقال لي بغضب: ماذا تفعلين يا مجنونة ؟ لاينقصنا إلا أمثالك ثم أخذ يطالع يدي وأكمل: لا أرى أي شيء يباع.الظاهر أنك مجنونة نسأل الله العافية.وكمحاولة منه لإخفاء ارتباكه كشر عن ضحكة ماجنة ، وابتعدت عنهما عندما تأكدت من صدق حدسي بفضل غبائه أو إصابته بجنون العظمة ، إذ قام بفتح النافذة الخلفية لما رأني من المرآة أدقق نظري في إنفعالات الريم الحزين ، وسألني ما إذا أعجبتني ابنته على حد تعبيره ،فأومأتْ الصغيرة المذعورة من جرأته برأسها بلا أم كنت قد شبهتها لطفلة أعرفها وأومأتُ برأسي أنا كذلك بلا ، وقلتُ له عذراً على الإزعاج وابتعدت عنهما ، فارتخت عضلات وجهه قليلاً في حين إشتد الحزن على الطفلة ، توجهت صوب شرطي كان ينظم حركات المرور ولما شاهدني قام بتجاوز خطير كاد أن يسبب كارثة، تبعته سيارة شرطة ، واستطاعت إيقافه ، إقتربت أكثر من المشهد ، فسمعتُ الشرطي يأمره بالتوجه لمركز الشرطة وانتظار قدومه بعدما أخذ منه رخصة القيادة التي لا تعود له ، رفض بعنف، فاقتيد عنوتاً وأخذوا معهم الطفلة ، ليكتشف بأنه أقدم على جرم في حق براءة لا يقل بشاعةً عن جرمه الذي وشى به ، وفي الغد وأنا أقرأ في جريدة بأنه تم العثور على طفلة كانت مخطوفةً في مدينة تبعد عن مدينتا بثلاث ساعات ، وكان الخبر مرفقاً بصورة الطفلة التي أسرت قلبي بالأمس .

الكاتبة سارة بلغول

تعليقات

التنقل السريع