هلْ الومضاتُ الشعريةُ وَ القصصيةُ وَالهايكو وَ المجزوءةُ وَ المتلازمةُ.تَخلُقُ أَديبًا ؟
الكلماتُ الآتيةُ أزعمُ أنها محاولةٌ للتقرّبِ مِنَ الإجابة إلىٰ حدٍّ ما، علىٰ الرُّغمِ إنّهُ سؤالٌ واسع و متشعبٌ وَ يَكثرُ فيهِ الجَدلُ و الآراءُ. وَإسمحُوا لي شَطْرَ الإجابةَ إلىٰ شَطرين، نظريٌّ و تطبيقيٌّ، لعلَّ الأمرَ يُلاقي -في ذلك- قبولًا من لَدُن أوسع القرَّاء والمعنيين بالإبداع الأدبي.
الوَجْهُ النَّظريُّ
الإنسانُ ' بِكُلِّيَتِهِ ' تَكْوينٌ:
* نفسيٌّ (مشاعرٌ، أحاسيسٌ، شَخصيةٌ)
* وَجسديٌّ (حركاتٌ، أفعالٌ، سُلوكٌ)
وَ بالمحصلةِ النّهائية يَنتجُ أمرانِ:
1.فطرةٌ أوليَّةٌ :
تُولدُ مع الإنسانِ، و لا يختلفُ علىٰ نقائِها عاقلان، تَتحكمُ به طبيعةُ الإنسان و خالقُهُ.
2.بيئَةٌ و مُحيطٌ :
بيئةٌ ــ قُدِّرَ للانسان أن يكونَ فيها نتيجةَ تلقيحِ حَيْمَن وَ بُوَيضَةِ وَالِدَيهِ، أي: العالمُ الخارجي.
وَ محيطٌ ــ يَتعلقُ بمجتمعٍ بشري،
تعاملَ و تفاعلَ مع مخلوقاتٍ حولهُ، وما يُؤثرُ في الأفراد تربيةً و تعليمًا عن طريق تجربةٍ ثُمَّ خبرةٍ فَمهارةٍ حاصلةٍ نتيجةً لممارسةٍ و تدريبٍ، وَما رسمتهُ سلسلةٌ مشفَّرةٌ من جيناتٍ وراثيَّةٍ، أبًّا عن جَدٍّ !
أمَّا الفرقُ بين إنسانٍ و آخرَ فَهو: مقدارُ ما يحملهُ من وعيٍّ وَ إدراكٍ عن أخيهِ الإنسان.
والأديبُ- قَطعًا- هو تلميذٌ و معلمٌ في آنٍ واحدٍ في المجتمع! لانهُ صانعٌ (و ليسَ خالقًا) للعلاقاتِ و التعاملات، و له حقوقٌ و عليه واجباتٌ.. عارفًا لدورهِ و رسالته الإنسانية، بمقدارِ ما لديهِ من وعيٍّ و مسؤولية يتقلدها بشرف و اعتزاز. فما يصدرُ منه- أي: الأديبُ/الإنسانُ- من تصرفٍ و سلوك. هو اِنعكاسٌ طبيعي لتفاعلاتٍ(نفسيةٍ و فسلجيةٍ) مع تَوافرِ عوامل مساعدة لتفاعلاتها كـ (بيئةٍ و وراثةٍ و تربيةٍ).
بمعنىٰ آخر: إنَّ الاَديبَ/الإنسانَ هو مَنْ يَصنعُ تفاعلاتٍ مع الأشياء، و هو سيّدُها و مديرُها ، مَتىٰ أرادَ أن يَدعمَها فَعَلَ عِنْ طيبِ خاطرٍ! وَ متىٰ أراد التَّوقفَ عنها، فَعَلَ ذلك أيضًا! و بوسائلِهِ و أدواته الممكنة و بحسب إمكاناته المادية و الأمنية و الإستقلالية. فضلًا عنْ وجودِ هامشٍ للمناورة في أفعاله، و مرونةٍ تساعده علىٰ الحركة من جنسِ عَملٍ ما إلىٰ آخرَ، و بما يُؤمنُ به من أفكار قابلةٍ للتطبيق و التَغَيّر و التّغييرِ، واقعيةٍ و شفّافةٍ و حقيقيةٍ. وذات بُعْدٍ إنساني مفيدٍ، تحقق أهدافًا عامَّةً بأسهل و أسرع الطرق، و بطرائق شَتى . هذا هو الأديبُ الذي يختار أدواته بحرية، و إلَّا سيكون تابعًا، مقيَّدًا بأطر لا جدوىٰ من اِستعمالها؛ لأنَّها خاليةٌ من الإبداع الذاتي و الموضوعي . ثمَّ لا نغفلُ أثرَ و تأثيرَ السرعةِ في تعاطينا بمستحدثات العصر و كيفية و نوعية الإبداع و ما يحققهُ للمتلقي من متعةٍ و فائدةٍ بأقصرِ العروض و أيسرها، في اَثناءِ تَناولِهِ قَهوته الصّباحية أو قيادتِهِ لعجلتِهِ في طريقِهِ للعمل أو مرورِه في السُّوق أو لحظة تَجَلِّي يَقتنصُها بعد يومِ عملٍ شاقٍّ، أو محاولته إرسال هَمسةَ محبةٍ أو عَبْرَةَ حُزنٍ و مواساةٍ، أو إطلاق رَصاصةَ رحمةٍ، أو بثِّ شهقةِ أملٍ في الحياة !
الوَجهُ التَّطبيقيُّ.
ما يُمكنُ تقديمَهُ في الجانبِ التطبيقي أو العَملي هو:
عرضُ نصوصٍ متناقضةٍ في إسلوبها و لُغتها و جِنسِها، و طبيعتها عموديًا وافقيًا.روأراها عِمَارةً أو ناطحةَ سَحابٍ، لها أساليبُ إنشائيَّةٌ مختلفةٌ في نواحي المعرفةِ و العلومِ الإنسانية، لَعَبتْ في إنشائِها العلومُ كافَّةً، كالتأريخ و علم النفس، السياسةِ و الفلسفةِ، الثقافةِ والفنِّ.. إلخ. والعِمارةُ فنُّ تكوينِ الحُجومِ وَ الفراغات، لاحتضان نشاطاتٍ إنسانية وإجتماعية، تَعكسُ إنجازات تَقنيّةٍ وحضارية، و تطلعات جماليَّةٍ وروحيّة في بيئة ما، يَتناسبُ فيها شكلُ البناءِ معَ المحيط، و يَتناسق معه. هٰكذا الإبداع الأدبيُّ، أو قريبٌ إلىٰ هٰذا التَّشبيه إلىٰ حَدٍّ ما.
فَلِمَنْ نَكتُبُ ؟ وَ لِماذا ؟
أولًا: اِطلعْتُ علىٰ كتاباتٍ عديدة، بقصدٍ وَ بدونِ قَصدٍ، أختصرُ صفاتِها وَلاأعرضُها، إلتزامًا بحرية الكتابة ،والحفاظ علىٰ خصوصيتها وَسريَّتها، َ لعدمِ اِتساع الوقت و المكان لعرضها وَأرجُو أن لا أظلمُها.
التَّوصِيفُ:
* التكرارُ غير الضروري لنفسِ المعنى بكلماتٍ مختلفة.. رَكاكَةٌ في الإسلوبِ، ومن نوع الأحاديثِ العامِيَّةِ، لا تحملُ وظيفةً و لا دورًا خاضعًا للنقاش. وهي فَضْلُ كَلامٍ - حَشُو - لا يَفيدُ مَعنًىٰ (أعلمُ عِلمَ اليومِ و الأمسِ قبلَهُ) .
* تُعَدُّ هذه النصوصُ " مُطوَّلاتٌ "، يتجاوزُ عددُ سطورِها أكثر من ٤٠٠ سطرٍ، لم تُصنَّفْ كَجنسٍ أدبيٍّ، تَرَكَ كِتَّابُها حُريةً للقارئ بأن يصنِّفها. هو .
* المعروفُ إنَّ مجالَ الإبداعِ الأدبي يَتحدّدُ أمَّا شعرًا بأنواعهِ، أو نثرًا بأصنافهِ، بينما هٰذه المطولاتُ تخلطُ بينَ هٰذا وَ ذاكَ .
* تَعْمَدُ على تَشويش ذهن القارئ، بحيثُ يَلفظُها بعدَ الرُّبعِ الأوَّلِ من قراءَتِها، خاليةً من عناصرِ الجَذبِ وَالمفارقة وَ الدهشة وَالمتعةِ.
* لا فَرقَ بين أنواعِ الجملِ، و لا بين الجملةِ و العبارةِ، لا فواصلَ أو تنقيطَ أو تشكيل.. فضلًا عن أنها خاليةٌ منَ المقدمةِ و المَتنِ و الخاتمة، تَسيرُ علىٰ سياقٍ واحدٍ، فارغةٌ من الفكرةِ والهدف تمامًا، لا تَعْدُو أن تكونَ ثرثرةَ كلامٍ، فضفاضةٍ، متعددةِ المحاور، تدورُ في حلقةٍ مفرغةٍ، لا تتصلُ بمثيلاتها في نُقطةٍ ما .
ثانيًا: أضعُ الآن بين أيديكم نصوصًا كَتبتُها في أوقاتٍ متباعدةٍ، وَ حاشا لِلّٰهِ أنْ أدَّعي بإنها أنموذجًا يُقتدىٰ بهِ، إنَّما أراها مناسبةً تطبيقية لنصوصٍ شاعتْ علىٰ صفحات التواصل، و ذاعَ صيتُها، في المسابقات و المنافسات الإبداعية، و لكتَّابِها آراءٌ و مسوَّغاتٌ دامغةٌ، و لها مُريديها و مُتابعيها و مُتذوقيها.
النُّصُوصُ:
* مَشهَدٌ حِوارِيٌّ.
"هــــاتِفٌ"
قَالَ : حَتْمًا سَنَلتَقِي...
قَالَتْ: لَنْ... !
أَكْمَلَ:.وَأَرانِي أَذْبَحُكِ قُرْبَانًا !
سَأَلَتْهُ: مَنْ قَالَ إنَّنَا عَلَىٰ دِينٍ وَاحِدٍ؟
رَدَّها: إنِّي أَعْبُدُكِ.. وَ هذَا يَكْفِينِي.
زَجَرَتْهُ: أَمَّا أَنَا أَمْقُتُ جُبْنَكَ في ٱلحُبِّ،
فَإيَّاكَ أَنْ تَدْنُو مِنْ قَلْبِي !
* نصوصُ هايكو.
ٱلقَصِيدَةُــ
شَمْعَةُ لَيلٍ...
نائِمَةٌ !
ٱلفَجْرُــ
ضِحْكَةُ وَلِيدٍ...
يَتِيمٌ!
بِفِعْلِ ـ
بُعْدِكِ عَنْهُ...
ثَمِلٌ!
* وَمضَةٌ شعرِيَّةٌ.
مَيْتٌ...
كُلُّ شَيءٍ في ٱلدَّارْ
يَنْطِقُ بِالصَّمْتِ
إلَّا ساعَةُ ٱلجِدارْ
تَنْدُبُ حَظَّها
وَ تَبْكِي دَمْعَها ثَوانِي
وَأَيَّامًا قِصَارْ!
* وَمضَةٌ قَصَصيَّةٌ.
"حَالٌ"
حَبَّاتُ قَمْحٍ بَينَ فَكَّيْ رَحًى، نَتَدافَعُ عَلى قُطْبِها.. أَنَا وَ ٱللَّيلُ وَ ٱلذِّكْرَى .
أَخيراً.أرجو أن تكونَ هذه المقالةَ مفتاح لحوار مُنتجٍ بشكلِ تَعقيبٍ، أو بشكلٍ مُستَقلٍّ، كي نفيدَ الكاتبَ بما يتَحَصَّلُ لديه من آراءٍ، وَنقدِّمُ للناشر المسؤول في المنتديات الأدبية نصوصًا لا غبارَ عليها إلَّا ما ندرَ، وَنرحمُ المُتلقي و هو يُتابعُ النَّصَّ الفُلاني علىٰ شاشةٍ زرقاءَ، لا تكادُ تنفعُ لَولا " النَّظّارات الطبية " .
الكاتب صاحب ساجت
تعليقات
إرسال تعليق